يوم قبض أول معاش، تذوب فئات الطبقة المتوسطة الثلاث في واحد!! معاش وكيل الوزارة أصبح اليوم أقل قيمة من امتيازات تكافل وكرامة.. عادت الإعلانات تخاطب مجتمع النصف في المئة المطمئنين مهما غدرت الأيام!! الزيادة السكانية غول يلتهم الخدمات المكلفة بها الحكومة، وأهمها التعليم والصحة.. في سنوات قليلة نما الاستثمار الصحي ليصبح غولا ينافس العقارى في مصر، ليطاردنا كابوس ماذا لو أصابنا مرض!! نروح فين وندفع منين!! أشهر مستشفياتنا الخاصة ما عادت تناسب معاش الطبقة المتوسطة العليا، نتيجة توقيعها عقود استحواذ واندماج مع شركاء عرب وأجانب بارعين في إدارة الاستثمار الصحي.. مثل مجموعة أميدا الاماراتية، وشركة mciالبولندية.. أسعارها خارج التسعيرة، تتفوق في تقليب الضحية بفواتير مختومة، ولا بديل!! تتعاقد معهم النقابات بنسبة تحمل 10% فقط، يستلفها أهل المريض عاش أو ارتاح!! وباء (كوفيد 19) كشف ستر الطبقة المتوسطة وأهان كرامة المتوفي، وأغرق أسرته في الديون!! .. مستشفيات خاصة ليس بها أقسام عزل، أو عناية مركزة- مثل الولادة- استقبلت مرضي الكوفيد، دون تسجيل بياناتهم.. وخرج منها عدد كبير في حقائب سوداء!! . انعدام الرقابة عليها، ضاعف التهافت على شركات التأمين الخاصة بالعلاج في الخارج، لأن التكلفة أقل جدا، والتأمين يشمل حماية المريض من الخطأ أو الاهمال الطبي.
ولأن وزارة الصحة تقرأ وتستجيب، ولها كل التحية.. أذكرها أن عدد الأطفال مرضي القلب تضاعف ثلاث مرات في عام!! ومؤخرا أعلنت نجاحها في إجراء حوالي مليون ومائتي ألف جراحة مرتفعة التكاليف في أقل من ثلاث سنوات، مجانا.. هذا واقع نلمسه ولكن، لأن الرعاية المتوسطة غير متوفرة بمستشفيات التامين الصحي.. يخرج الطفل من الرعاية المركزة، ليواجه حتمية دخول رعاية متوسطة بين أنياب المستشفيات الخاصة!! الوزارة بشرتنا بنهضة حملاتها الرقابية، التي أغلقت 1270 منشأة طبية مخالفة من بين 5700 (حوالي الربع!!) خلال ال11 يوما الماضية فقط - ما بين مستشفيات وعيادات ومراكز طبية - ونقلت المرضى لمستشفيات الوزارة.. أطالب بنشر قائمة أسماء المخالفين المحتالين لتعويض ضحاياهم، وإرهاب أمثالهم.. ولماذا لا تطالب الوزارة نوابنا بتشريع يفرض نزع ملكيتهم لصالح التأمين الصحي لتوفير اماكن الرعاية المتوسطة المجانية!!
بيزنس العلاج الخاص يتوحش، وشركات الاستثمار الصحي الأجنبية تتربح أموالا طائلة من مرضانا.. لذلك أضم صوتي للأستاذ د. حمدي السيد في مطالبة الحكومة بأداء دورها الرقابي على المستشفيات الخاصة.. ومراجعة قرار إباحة امتلاك الأجانب للمستشفيات.. ووضع حد اقصى لتربح المستشفي الخاص مقابل الخدمة العلاجية، ومراقبة التزامها بتسعيرة وزارة الصحة لكل تفاصيل الخدمة، من اتعاب أطباء، وتحاليل وأشعات وإقامة.
قبل عام 2011 كان هناك التزام بقرار عدم بيع المستشفيات العامة أو انشاء مستشفيات يملكها أجانب لضمان إبعاد رأس المال الأجنبي عن التربح واستنزاف المريض.. ذاب القرار في عامي الفوضى، وبيعت بالاندماج أشهر المستشفيات ومراكز التحاليل في القاهرة والجيزة، لينعم المستثمرون بذبح المريض وأهله!! هذه المستشفيات ترفض إرسال سيارات إسعافها إلا للنزلاء، رغم قرار إلزامها باستقبال الطوارئ مجانا.. العلاج الربحي تجاوز مص الدماء إلى السحل وسرقة الدولة.. الطبقة المتوسطة تنزف وتذوب مع مستحقى العلاج المجاني، الحكومة ملزمة بإيقاف النزيف، والدولة قادرة.
-----------------------
بقلم: منى ثابت